الأرشيف الشهري: أكتوبر 2023

بيتنا أم بيت أهلي؟

المكان: بيت أهلي، في غرفتي
الزمان: 30 سبتمبر، بداية العصر

النافذة مفتوحه تداعب ستائرها نسمات الخريف اللطيفة. وأنا هنا على الأرض أمامي حقيبتي سفر، ألملم فيهن أغراضنا -أنا وطفلي- المبعثره بأقصى سرعة لأغتنم الدقائق المتبقية مع أهلي. لا أعلم ما اعتراني في اللحظات التالية، شعور انتقال آني ذهب بي بعيدًا في الماضي. في لحظات فقط أحسست بأني أنا في الزمان السالف، أنا التي كنت اسكن هذا البيت ولست أنا من آتيته زائرة. تآمرت عليّ هبوب النسمات اللطيفة مع أشعة الشمس المنتشرة في الغرفة فجالت بي للحظات ثم أعادتني مع بقايا شعور بالحنين تضاعف حتى انفجرت دموعي وظلت تسكب حتى صالة الانتظار في المطار.
اعرف شعور الحنين لذكريات في الماضي ولكن هذة اللحظة كانت مختلفة، كأنني أعدت عيش إحساس لحظة قديمة من جديد فتضاربت مشاعري ما بين حنين إلى ماضي لن يعود وسعادة بعودة شعور حميم.
لا أبالغ عندما أقول أن جزء من سعادتي في زياراتي العائلية هي العودة للبيت نفسه، الجدران، و الأثاث، والغرف، والساحة الخارجية، والأشجار التي تحيط به من كل جانب. أحرص في كل مرة على إعادة بعث روتين قديم وهو الخروج بعد صلاة الفجر وحدي في الساحة الخارجية، اعيش اللحظات بكل تفاصيلها كالأصوات والروائح والوجود بحد ذاته على هذة البقعة المحببه إلى قلبي. لا اؤمن بـ “نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول” ولكني مؤمنة تماما بـ “كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل” هكذا كان وهكذا سيكون دائما.
لا اعلم متى بدأت اسميه “بيت أهلي” بدال “بيتنا” حيث لا يزال جزء صغير داخلي يحاول مقاومة هذا الأسم فجوارحي كلها تسميه بيتنا. يعز علي أن كلمة بيتنا أصبحت ترمز إلى موطن آخر مع أني احبه ولكنه ليس “أول منزل”. قد يبدو ما اقوله حالماً أو انني اعيش حالة رومانسية مع طوب و”اسمنت” وأنا لا انكر هذا أبداً ولا استغربه. أحب هذا البيت وأحب العود إليه مراراً وأحب زرع هذا الحب في أطفالي. فحماس العودة له والولوج من بابه كان شعوري وحدى في السنة الأولى ثم تلت السنوات بعدها وأصبحنا ثلاثة أشخاص -أنا وأطفالي- ندخل من نفس الباب بنفس الحماس والسعادة.