
لم تكن لي القراءة يوماً عملاً سهلاً فأنا أجهز نفسي للقراءة كل مرة، أحدد وقت خاص لها لكن بدون طقوس فأنا لا اشرب الشاي أو القهوة وأنا أقرأ ولا اختار مكان محدد. هي فقط مهمة أحب أن أنجزها أياً كان ما أقرأ سواءً عند قراءتي الأكاديمية أو قراءتي الحرة. مع ذلك فقد تعرضت في كثير من الأحيان لحبسة القارئ. أطول مدة توقفت فيها عن القراءة كانت بعد زواجي مباشرة امتدت لسنة كاملة إلا بعض الكتب البسيطة. لذا عندما يصور أحداً كتابه في شهر العسل أرى أنه ضرباً من جنون لا افهمه. كما كنت إلى وقت قريب لا افهم من يقرأ ليهرب حتى اضطررت لذلك في السنة الماضية واستمر معي حتى اليوم.
عندما اتعرض لضغوطات كثيرة لا استطيع فصل نفسي عنها بل أُملأُ بها حتى أفيض منها. أُمسك الكتاب وأقرأ سطور لا افهم منها شيء أرى واقعي يتشكل أمامي ويخنقني. كنت لا اعلم كيف استخدم القراءة للهروب حتى حوصرت -فيزيائياً- في طريق سفر طويل فما كان مني إلا أن اخرجت كتاباً من شنطتي وشرعت في قراءته. اذكر تلك اللحظة تماماً استعرضها أمامي الآن بامتنان صادق لأنها فتحت لي باب القراءة للهرب. أُلغي كل ما حولي ومن حولي انغمست في الكتاب تماماً. لذلك أنا مدينه لهذا الموقف ما حييت لأني ما لبثت أن استخدمت هذة الحيلة الرائعة معظم الوقت. لقد اكتشفت السر!

وهذا لأن القراءة للهروب تصدق معها نية القارئ على التركيز التام مع المادة المقروءة فتنشط مناطق من الدماغ تتوافق مع ما تقرأه من مشاعر وأفكار. مما يحقق لك الاندماج مع ما تقرأ والانفصال عن واقعك أي هروبك منه. وهذا نتيجة دراسة أجريت في القرن الثامن عشر لعالمة أدب ومجموعة من علماء الأعصاب قرأتها سابقاً في كتاب أيها القارئ: عُد إلى وطنك لماريان وولف. الجدير بالذكر هنا أن القراءة في هذة الدراسة كانت تشمل القراءة “عن كثب” والقراءة للتسلية فقط. لذا هروبك مثبت علمياً بأنه حقيقي وليس مبالغة محبين القراءة. فعند تركيزك تشعر بكل ما تقرأ مثل أن تنشط المنطقة المسؤولة عن الملمس عند قراءة استعارات عن الملمس وكذلك نشاط الخلايا العصبية الحركية عند القراءة عن الحركة كما جاء بالدراسة. في المرة القادمة عند التقاطك لكتاب ما حاول أن تستحضر تركيزك التام وراقب ما يحدث.
مع أن الضغوط لا تتلاشى بكتاب جميل لكن من المريح أن يكون مفتاح الهروب في جيبك دائماً. وهنا تبرز أهمية الكتاب الالكتروني أكثر من الورقي، إذ قد تضطر أحياناً لعزلة بين مجموعة من الأشخاص يثير فضولهم دائما منظر الكتاب الورقي ويبدأون في طرح اسئلة تعيدك لواقعك وتقطع تركيزك. الكتاب الالكتروني يوفر عليك عناء الإجابات على هذة الأسئلة. كما أن الانشغلال بالهاتف يكون مقبولاً في بعض السيناريوات أكثر من إنشغالك بالكتاب ذلك لأن من الممكن أن يستخدم أحداً هاتفه من وقت لآخر على العكس من ذلك من النادر أن يخرج أحداً كتابه فجأة لتصفحه. هذة بعض الكتب التي قد تتوفر نسخ الكترونية لها مناسبة للهروب:










