في تدوينة هيفاء 7 مايو ذكرت مفردة «البطء» التي تفكر فيها كل يوم بشكل جديد فابتسمت على الفور لأني اخترتها لتمثل كلمة العام في مفكرتي أو ما يعني الطابع العام لهذة السنة. اخترتها بعد أن قرأت كتاب «في مديح البطء» والتي أوصت به بشدة نوال القصير وأشكرها على توصياتها الرائعة دائماً. اتذكر جيدا طريقتي في قراءة الكتاب لا أعلم أهو من تأثير العنوان عليّ حيث كنت أتناول مواضيعه ببطء ولذة عجيبة أنا التي كنت التهم الكتب التهاماً!
في فصول حياتي السابقة كنت أكثر انشغالاً وتشتتاً مني الآن، مع ذلك كنت استطيع تقريبًا السيطرة على قوائم مهام بقدر معقول. أما الآن بعد الأمومة أجاهد في السيطرة على قوائم مهام لا نهائية ومترامية الأطراف بكل المجالات ولا استطيع. أنا لا افتقر للإسترخاء لأني استقطع وقت لا بأس به عند نوم أطفالي ولكن المهام هي ما تؤرقني فما زال يعيش في داخلي ذلك الهاجس الغير مبرر لأنهائها كلها بسرعة وكأن موعد نهائي محدد لكل مهمة ماثل أمامي ويطاردني. حتى المهام التي استمتع بها مع الصغيرين مثل الاستحمام كنت اضعه في مفكرتي كمهمة يجب الانتهاء منها!
بعدما قرأت الكتاب ذهلت ببساطة الفلسفة التي يؤمن بها الكاتب أي فلسفة البطء. وشعرت باستاء لأني اطبق قانون التسارع على كل المهام، وشعرت باستياء أكثر لأني لا أتممها ثم لا أشعر بالرضا التام عن ما فعلت. شعور متواصل من تدني الإنتاجية وسوء التنظيم يطاردني كشبح. وهذا ما يحاول الكاتب أن يلفت نظرنا إليه ربط السرعة بالغضب.
هذا ما يقودنا إليه وسواس السرعة وتوفير الوقت. إلى الغضب في الطريق، والغضب في الأجواء، والغضب عند التسوق، والغضب في المكتب، والغضب في الإجازة، والغضب في صالة الرياضة. وبفضل السرعة، بتنا نعيش عصر الغضب.
في مديح البطء، كارل أونوريه
قررت الهدوء وإعادة كتابة قوائم المهام التي تطفو أمامي دائمًا وتشعرني بتدني إنتاجيتي لأني لم أتمها. وضعتها في قسم خاص بها آخر المفكرة كما أفعل بداية كل سنة عند اقنتائي مفكرة جديدة. خصصت بعضها لي وبعضها لزوجي وبعضها مهام مشتركة، نقوم بها سوياً أو يقوم بها شخص يكفي عن الآخر. المفارق في الموضوع أننا بدأنا بإنجاز هذة المهام هذة السنة مع أن هذة القوائم نفسها كانت تنتقل معي وتتضاعف على مدار السنوات السابقة. الاختلاف كان في فلسفتي في إنجاز المهام.
حين نخوض الحرب على عبادة السرعة، تكون خطوط القتال الأمامية داخل رؤوسنا. فسيظل التسارع الإعداد الإفتراضي حتى تتغير مواقفنا. علينا أن نتعمق أكثر. أن نغيّر الطريقة التفكير بها.
في مديح البطء، كارل أونوريه
حاولت أن افكر في الفلسفة الجديدة عند تحديد أهداف هذة السنة وكانت النتيجة مرضيه كأول محاولة للتغير. كما أن مخطط ال Passion Planner الذي ذكرته في تدوينتي السابقة ساعدني على تطبيق الفلسفة بسهولة. اعترف أنني فشلت في تحديد أحد هذة الأهداف ضمن فلسفة البطء وهو عدد الكتب التي أريد قراءتها هذة السنة. العدد كبير على الفلسفة الجديدة ولكن بعض الأمور تكون ضاربة في الجذور لا تتغير بسهولة. فلا بأس بالمرونة وبعض التنازلات.
في النهاية كشف الكاتب عن سر النجاج الذي تملكه حركة البطء، بأنها تروّج المتعة. أي أن مبدأ فلسفة البطء هو قضاء الوقت الكافي لإنجاز الأمور بالشكل الصحيح، وكذلك التمتع بها أكثر. وهذا ما لمسته واقعاً هذة السنة، فمع انقضاء خمسة أشهر من هذة السنة استطيع أن أجزم أنها فلسفة رائعة. فمعظم الأهداف أُنجزت، كما أنني استمتعت بالرحلة. والمؤشر الرائع لنجاحها هو اختفاء مؤقت العد التنازلي الذي كان ماثل أمامي طوال الوقت جنبا لجنب مع قوائم المهام اللامنتهية.
قد يتبادر لذهنكم من يكتب عن المنظم اليومي/المفكرة في آخر شهر مايو؟! نصل لمنتصف السنة والموضوع الذي اود الحديث عنه هو المنظمات اليومية! في نهاية السنة الميلاية والهجرية أيضاً يكثر الحديث عن المنظمات وأيهن أكثر فعالية من حيث التقسيم، وتحتل مقاطع تقيم المنظمات المراتب الأولى في البحث. وينتهي الجديث عنها بعد النصف الأولى من شهر يناير وهذا متوقع وكنت أنوي الكتابة عنها في مطلع السنة ولكن فقررت أن اكتب عنها بعد مضي عدة أشهربعد أن عدلت في طريقتي التي استخدمتها في 2022 و 2021 لأرى أيهن أفضل.
في البداية يجب عليكم معرفه تاريخي في التخطيط واختيار المنظم المناسب، اكتب اليوميات منذ 20 عاماً تقريباً في نصفها الاخير بدأت في استخدام المنظم اليومي المقسم لجدوله المهام لا اعلم لماذا ولكني اعتقد ان حياتي الجامعية كان لها دور في بداية استخدامي لها. جربت عدة منظمات من مختلف العلامات التجارية طوال العشر سنوات السابقة، حتى أنني جربت استخدام ال Bullet Journal وطرقها المختلفة. حتى وقع خياري أخيرا على ال Passion Planner. هذة سنتي الثالثة التي استخدم فيها هذا المنظم بدأته من 2021 ثم 2022 والآن 2023 وهذا دليل كافي على جودته، يتضمن المنظم:
مخطط الأهداف.
تقويم للسنة الحالية والقادمة.
مخطط شهري يوجد به: قسمين مخصصات للمشاريع الأول للمشاريع الشخصية والأخر للعمل.
مخطط اسبوعي يوجد به: كل أيام الأسبوع مقسمه بالساعات، وقوائم المهام المفصله للمشاريع الشخصية وللعمل.
في نهاية كل شهريوجد مجموعة من الاسئلة التي تعنى بالنظر إلى الشهر المنصرم وتقييمه من ناحيه الدروس المستفاده منه بالاضافة إلى تقييم خطة تحقيق الأهداف.
في النهاية قسمين كل قسم مكون من 20 صفحة في الاول صفحات فارغه وفي الاخير صفحات منقطه للكتابة الحرة.
سمعت عن المنظم لأول مرة من المدونة نجلاء في تدوينتها “٣ أنواع من الأجندة اليومية -مقارنة” وكان من ضمن خطتي دائماً ولكن كنت أأوجله لارتفاع سعره. في سنة 2020 وعند البحث عن منظم للسنة المقبلة قررت أن أكافئ نفسي به بعد أن حققت درجة الماجستير تلك السنة. لا أخفيكم أنه وبالنسبة لشخص يفتقر للحس الفني راعني منظر المستخدمين له رأيت الكثير من الرسومات والطرق التي تكلفني جهد في استخدامه لكني طلبته على أي حال. في منظمي الأول لم استطع فهم طريقته جيدا ولكن بعد ثلاث سنوات اصبح من الممتع أن استخدم منظمي الشخصي كما أحب. وسأكتب لكم طريقتي في ذلك:
أولاً مخطط الأهداف:
الصفحة الأولى تساعدك على كتابة الاهداف التي تريد تحقيقها في حياتك كلها ومن ثم الأهداف التي تريد تحقيقها خلال 3 سنوات من الآن ثم التي تريد تحقيقها هذة السنة ثم التي تريد تحقيقها خلال أول ثلاثة أشهر من السنة، واعتقد أنها طريقة رائعة. تساعدنا هذة الطريقة على وضع الحد الزمني لكل هدف، فالأهداف بعيده المدى مثل الاستقرار المادي لا يمكن تحقيقه بسهوله خلال سنة ولكن إذا وضعناه في الخطة بعيده المدى يمكننا كتابة تفاصيل الوصول لهذا الهدف كأهداف في الأقسام الأخرى. مثلاً يمكنني كتابة “التعلم على تداول الأسهم” أو “عمل تجاري ناجح” أو “وظيفة براتب معين” في خطة الثلاث سنوات. ثم كتابة “إنشاء محفظة وبدء التداول” أو “اكمال أول طلب لمتجري الالكتروني” أو “الحصول على عدة مقابلات وظيفية” في خطة هذة السنة. ثم كتابة “البحث والتعلم عن الأسهم” أو “دورة تجارة الكترونية” أو “إعداد السيرة الذاتية وتحسين الحساب الشخصي في لينكدان” في خطة الثلاثة أشهر. نلاحظ أن التقسيمات ساعدتنا في تحديد أهداف واقعية سهلة التحقيق خلال مدة معينة.
الصفحة الثانية تلزمك باختيار أحد الأهداف التي تريد تحقيقها هذة السنة تحت اسم GAMECHANGER اي الهدف الذي يعتبر فارق كبيرعند تحقيقه ويحتاج للكثير من التخطيط والعمل. مثلاً “اكمال أول طلب لمتجري الالكتروني”. ثم تحديد الأمور التي تساعد في تحقيقه على أقسام وكل قسم ماذا يتطلب وكتابتها على شكل خريطة ذهنية. مثلاً التعلم عن التجارة الالكترونية ويندرج تحتها متابعة حسابات مهتمه في هذا المجال، التسجيل في الدورات. القسم الثاني تحديد المعالم الأولى للمتجر ويندرج تحتها دراسة جدوى للموضوع، اختيار المنتج، واختيار اسم وشعار للمتجر، إكمال الإجراءات القانونية. القسم الأخير تحديد المعالم الأخيرة للمتجرمثل إنشاء الحساب، طلب المنتجات وتخزينها، تصوير المنتجات، رفع الصور بعد تحديد الأسعار.
يفضل تحقيق ال GAMECHANGER خلال الستة أشهر الأولى، لأن بعد شهر يونيو أي عند منتصف السنة ستعاد نفس هذة الصفحات لمراجعة الأهداف بشكل عميق ومن ثم تحديد GAMECHANGER آخر للعمل عليه في النصف الأخير من السنة. ممكن أن يكون امتداد للأول إذا كان الهدف كبير وخطواته كثيرة ومن الممكن أن يكون الهدف قد تحقق ومن ثم نستطيع أن نختار هدف آخر.
ثانياً التقويم السنوي:
أحدد الأيام المهمة بالسنة، وأخصص ألوان معينة لتلوين اليوم بعد إنتهائه مثل اخضر لليوم السعيد، وأحمر لليوم الحزين، أزرق لليوم الذي أحقق فيه إنجازات، وبرتقالي لليوم الذي لا استطيع فيه عمل أي شيء، بنفسجي لليوم العادي. يساعدني على أخذ نظرة شاملة على مشاعري خلال السنة.
ثالثاً التقويم الشهري:
اكتب فيه المواعيد والالتزامات الاجتماعية فقط مثلاً موعد طبيب، اجتماع عمل، موعد سفر. وفي المكان المخصص لل GMAECHANGER اكتب مصاريف الشهر بالتفصيل ليسعادني على فهم وضعي المادي واتخاذ بعض القرارت. يوجد أيضا قسم لتحديد المشاريع التي يجب العمل عليها خلال هذة الشهر سواءاً كانت مشاريع شخصية أو عمل. استخدتها مرة واحدة ولم التزم بها مع ذلك أرى انها إضافة رائعة للتقويم الشهري.
رابعاً التقويم الأسبوعي:
يختلف عندي هذا القسم من أسبوع لآخر، في بعض الأسابيع تكون مكتظة بالمهام والفعاليات فأدون كل ما أريد فعله وما حدث وما أريد أن اتذكره بالتفصيل هنا وبعض الأسابيع تكون خفيفة وفارغة وهذا لا بأس به. مع أن الأيام مقسمه لساعات وبالعادة أرفض هذة الفكرة عند شرائي لمنظم جديد إلا أنه في ال Passion Planner لا يؤثر حقيقة كثيرا لوجود مكان مخصص لقائمة المهام، فأستطيع كتابة قائمتي في مكانها المخصص واستخدام المساحة المقسمة للساعات كما يحلو لي. ولأن حسي الفني ضئيل جداً فإن المساحة البيضاء المخصصة للرسومات في مفكرتي تظل دائما بيضاء.
خامساً الانطباع الشهري:
من أكثر الاقسام التي أهملتها في لسنوات الماضية وأحببتها جدا هذة السنة فخصصت لها آخر يوم في الشهر للعمل عليها. هي عبارة عن مجموعة اسئلة يطلب مننا الجواب عليها نهاية كل شهر. أول سؤالين اعتبرها دروس مستفادة من الشهر المنصرم ثم أربعة اسئلة مخصصه عن الأهداف التي أريد تحقيقها وكيف يجري العمل عليها والمقصود هنا طبعا الأهداف الذي سبق تحديدها في قسم مخطط الأهداف. والجواب هنا يساعدني على إعادة توجية البوصلة وتقييم العمل على أهدافي خلال الشهر المنصرم. وبالأخير سؤال عما أريد اتركيز عليه في الشهر المقبل وذلك لأبدأ الشهر الجديد وقد حددت الهدف الذي أريد التركيز عليه وتحسين العمل على تحقيقه.
سادساً قسم الكتابة الحرة:
قسم الصفحات الفارغة عنونته بقسم ال Brain Dump وهو القسم الذي التجي إليه عادة عند تراكم الأشياء والضياع. أفرغ كل ما افكر به والخطط التي أريد تنفيذها بدون أي ترتيب للأفكار. إذا رأيت أحد الأفكار قابله للتنفيذ بدأت بنقلها للمخطط الأسبوعي والعمل علبها. وإذا لم يعجبني شيء أهملت المكتوب بالكامل وقد استفدت من تفريغ مخي للعمل عى شيء آخر.
قسم الصفحات المنقطة مخصص لتتبع، مثل تتبع رحلة إنقاص الوزن و تتبع مهام مؤجلة قديمة سواءاً كانت مهامي أو مهام زوجي أو مهام مشتركة، و تتبع قراءات السنة … الخ من الأفكار اللانهائية.
والميزة الرائعة في ال Passion Palnner أنهم يوفرون نسخة مجانية على موقعهم يمكنكم طباعتها وتجربتها قبل الشراء. كانت تدوينه ممتعه لي وأنا اكتبها وأتمنى أن تكون ممتعه لكم وأنتم تقرؤنها.
عند الحديث عن العلاج النفسي والذي أصبح أمر غير مستغرب في الآونة الآخيرة -بل ويتصدرقوائم عنواين البودكاستات المختلفة- لطالما لفت انتباهي مصطلح “العلاج المعرفي السلوكي” لأنه علاج بدون المخاطرة، ظننت أنه آمن وسهل وما أجهلني. أردت بشدة الخوض فيه وتجربته ولكن لماذا نفتح الأبواب المغلقة ونحن لسنا بحاجه لذلك. فقررت الاطلاع عليها من باب الاطلاع فقط والسبيل إليه كان كتاب “العقل قبل المزاج” وذلك حين تحدثت عنه ممن أثق في حكمهن فقررت اعطاء هذا الكتاب فرصة. قبل اسبوعين اختلقت عذر للطلب من جرير كعادتي لأستطيع أن اطلب ما أريد من الكتب، وهذة حيله اعتدت عليها في صغري حتى اقنعهم بالذهاب وشراء ما أريد ولم استطع أن اتخلص منها حتى الآن. وكان كتاب “العقل قبل المزاج” من ضمن هذة الكتب.
لم أجرب من قبل قراءة هذا النوع من الكتب ولا حتى طريقة القراءة المقترحة له، فالكاتب يقترح أن نقرأ ما نحتاج فقط من الكتاب وأن نقرأه على مهل ولا ننتقل للأجزاء الأخرى حتى نتأكد من إتمامنا للمهارة المطلوبة. أنهيت الكتاب خلال أسبوعين تقريباً وأراها سريعة جداَ على الكتاب حيث يقترح الكاتب تحديد ما نود علاجه وتطبيق المهارات عليه حتى يتم العلاج تماماً والذي بدوره يستغرق وقت طويل من الزمن. فقررت أن أقر كل الكتاب وعند التطبيق أعود للأجزاء التي احتاج فيها للكتابة ونقل ما احتاجه من جداول إلى مذكرتي للحفاظ على خصوصيتي. اعلم أن تطبيق التمارين في الكتاب يتطلب عزيمة وصبر واجتهاد لإنهائه لأنه علاج، والعلاج نصبرعلى مرارته لنتذوق حلاوة الصحة الجسدية والنفسية في هذة الحالة.
بشكل عام وبصوره سريعة الكتاب يعالج الأفكار التي تؤثر في حالتنا المزاجية، يقترح استخدام سجل الأفكار لمساعدتنا على فهم لماذا أصابتنا في هذة الحالة المزاجية من فكرة معينه ويساعدنا على إيجاد بديل للفكرة وأراه حل رائع ومناسب إذا أردنا معالجة أمر طارئ وموقف حدث للتو. ولكن أكثر ما أعجبني هو البحث في الافتراضات الدفينة والقناعات الجوهرية ومعالجتها ومن ثم وضع الخطط البديلة وتنفيذها ويقدم أدوات لتقييم التقدم. سأحاول الالتزام بهذة الخطة قدر المستطاع وربما اكتب تدوينة مستقبلاً عن النتائج.
لا أستطيع إنكار فضل الكتاب في مساعدتي على كسر قاعدة القراءة لدي، والتي تلزمني بقراءة ما بين يدي حتى أنهيه وقراءة كتاب واحد فقط. كنت أتمنى أنني استطيع كسر القاعدة وحققه لي الكتاب خصوصًا أنني قراءته بعد ما أنهيت الحرب والسلم وأصابتني تخمه لا أعلم علتها. هل هو تولتسوي؟ هل هي الأجزاء الأربعة؟ هل هي عدم قدرتي على التجول خارج أسوار موسكو وقصورها؟ أم أن كل هذا اجتمع مع قاعدتني في القراءة. كل ما اعلمه أنني توقفت عن القراءة لمدة شهر أو يزيد وأنني أحاول الحبو إليها من جديد.
لا أعلم لماذا ترعبني فكرة أن اكتب تدوينة! أن افتح المحرر واكتب بكل بساطة ما يراودني، من السهل عليّ صياغة تغريدة في تويتر ثم رفع منشور على “انستقرام” والخيار الأخير المرعب هو أن اكتب تدوينة هنا. يطاردني دائماَ هاجس الكمال والفائدة، لماذا اكتب؟ من سيقرأ؟ من سيستفيد من هذة التدوينة؟ واسئلة أخرى أخاف إن ذكرتها وأسهبت أن اقفل المحرر ولا اكمل الكتابة.
طرق عنوان التدوينة عقلي وأنا اتقلب محاولة لإستنجاد النوم بأن يطرد أفكاري ويريح عقلي وعلى نحو غير مسبوق تمنيت أن يتأخر النوم قليلاَ وأمضيت ليلي في تفكر واشتياق. اشتاق كثيراً لأنا سابقة ويطول ليلي أفكر فيها كيف كانت تفكر؟ وماذا أرادات أن تكون؟ وأين هي الآن؟ هذا لأني اجزم أني لست هي، هي أقرب لي من نفسي فأين ذهبت؟ ويكرر علي الطنطاوي كثيرا هذة الفكرة فيقول:
” نحن في تبدل مستمر، كل يوم يموت فيّ شخص ويولد شخص جديد، والميت أنا والمولود أنا: خلايا جسدي تتجدد كلها كل بضع سنوات حتى لا يبقى منها شيء مما كان. عواطف نفسي تتبدل، فأحب اليوم ما كنت أكره بالأمس وأكره ما كنت أحب. أحكام عقلي تتغير، فأصوب ما كنت أراه خطأ وأخطئ ما كنت أجده صواباً.
فإذا كانت خلايا الجسد تتجدد، وعواطف النفس تتغير، وحكم العقل يتبدل، فما هو العنصر الثابت الذي لا يتبدل ولا يتغير؟ أقول “قال لي عقلي” و “قلت لنفسي”، فمن أنا -إذن- إذا كان عقلي غيري فأقول له وكانت نفسي غيري فتقول لي؟ – عليّ الطنطاوي
والحقيقة أني لا املك جواباً وإن كان يقول الشيخ أن العنصر الثابت هو “الروح” في نهاية هذا الاقتباس من كتابه الذكريات -الجزء الأول-.
تغريني فكرة فتيات الأصابع التي ذكرتها الكاتبة إليف شافق في كتابها “حليب أسود” فمنذ قرأته وأنا لا ازال افكر في فتياتي الصغيرات، على الرغم من إن أليف ترى أن الفتيات يتواجدن في نفس الوقت وأن الشيخ علي يرى أن الأنا متغيره بتعاقب الزمان. أما أنا لا أرى تعارض بين الفكرتين، فأنا ونحن -أعني فتيات الأصابع- متغيرات بتعاقب الزمان وهذا لا خطب فيه ولا ضير.