أرشيف الأوسمة: #أجنده

بين سحر التفاصيل الصغيرة ولعنتها

حين اشرع في كتابة تدوينة جديدة عني استحضر دائماً ما قاله أحمد أمين في مقدمة كتابه “حياتي”:

لم أتهيب شيئًا من تأليف ما تهيبت من إخراج هذا الكتاب. فإن كل ما أخرجته كان غيري المعروض وأنا العارض أو غيري الموصوف وأنا الواصف، وأما هذا الكتاب فأنا العارض والمعروض والواصف والموصوف، والعين لا ترى نفسها إلا بمرآة. والشيء إذا زاد قربه صعبت رؤيته، والنفس لا ترى شخصها إلا من قول عدو أو صديق. أو بمحاولة للتجرد تم توزيعها على شخصيتين: ناظرة ومنظورة، وحاكمة ومحكومة، وما أشق ذلك وأضناه.
ومع هذا فكيف يكون الإنصاف؟ إن النفس إما أن تغلو في تقدير ذاتها فتنسب إليها ما ليس لها، أو تبالغ في تقدير ما صدر عنها، أو تبرر ما ساء من تصرفها. وإما أن تغمطها حقها ويحملها حب العدالة على تهوين شأنها فتسلبها ما لها، أو تقلل من قيمة أعمالها، أو تنظر بمنظار أسود لكل ما يأتي منها؛ أما أن تقف من نفسها موقف القاضي العادل، والحكم النزيه، فمطلب عز حتى على الفلاسفة والحكماء.
ثم إن حديث الإنسان عن نفسه — عادة — بغيض ثقيل، لأن حب الإنسان نفسه كثريًا ما يدعوه أن يشوب حديثه بالمديح ولو عن طريق التواضع أو الإيماء أو التلويح، وفي هذا المديح دلالة على التسامح والتعالي من القائل، ومدعاة للاشمئزاز والنفور من القارئ والسامع. ولذلك لا يستساغ الحديث عن النفس إلا بضروب من اللباقة، وأفانين من اللياقة.

من الصعب جداً أن أتكلم عما يختلج في نفسي. أصدق فيما أقول ولا أقول كل الصدق، فان أنا عرضت بعضه افكر في العواقب دائماً، ثم ما الفائدة المرجوه من نشرها؟ قد يكون تخفيف من عبء بعض الأفكار والتخلص لو فرضياً من ثقلها. وقد يكون نشر للتجارب الإنسانية للمؤازرة والإحساس باننا سواء على اختلافنا.

بالأمس سقطت في ضعفي البشري من جديد، لا استطيع الافصاح عن تفاصيل الحادثة لكن عزائي أنها مرت سريعاً دون أن أبحر عميقاً في تساؤلات لا جدوى لها. تعصف بي تلك الأفكار من جديد وأنا امسك مذكرتي الجديدة لعام 2024 م لأضع لها الخطوط العامة ليسهل انتقالي إليها في العام المقبل. ما الفائدة من كل هذا؟ اعيش حياة لا تشبهني ولا اعلم طريقة أخرى للوصول لما أريد، عراقيل تفوق قدرتي على تجاوزها ومزيداً من الاستسلام والضعف والعجزوالكثير من البكاء والخوف. اتنبه من تلك الحالة لأشكر الله على ما وهبني في حياتي وعلى ما أنعم به عليّ في سنواتي السالفة ولكن قلبي مثقل.

في هذة الأوقات دائماً احاول النظر في التفاصيل الصغيرة لأن جزءاً مني يُوقن أن الحياة تكمن في تلك التفاصيل. هل انتظاري لموائمة الظروف هو خطة محكمه أم محاولة سيطرة فاشلة. لدي الكثير من النظريات التي أؤمن بها والتي تخرجني نظرياً مما أنا فيه واعلم أنها طريق الراحة، ولكن تطبيقها أصعب من تحريك جبل من مكانه. أعود بين الفينة والأخرى واتسأل عن قراراتي، أهذا ذكاء مني أم غباء؟ اعيش بالرضا حيناً وبالضعف حيناً آخر.

كتبت ما كتبت وأنا افكر في هوية تدوينتي هذة، عن ماذا أريد أن اكتب وأيقنت آخيراً أن الارتجال هو ما استطيعه الآن. هذا التفصيل الصغير يستغرق من وقتي الكثير من التفكير والتخطيط. البحث عن الكمال في كل التفاصيل هو مقبرة الكثير من خططي ورؤيتي لما أريد الوصول إليه، ومعه تقتل متعة التجارب الجديدة. مؤخراً فقط استطعت التغلب على هذا الموضوع جزئياً وتقدمت خطوات بسيطة في ذلك. اطلقت مشروع واحد وفشل، حاولت أن اطلق أكثر من مشروع ثم أوقفهن في مرحلة التخطيط لأني لا اعلم كيف اوصله لمرحلة الكمال. أظن أن هذا هو هدفي القادم، القفز إلى تجارب جديدة دون تخطيط. قد اضعها في سلسة من التدوينات هنا.

من هذة التجارب مثلاً بدأت اتعلم بعض الأطباق التقليدية لأنني أريد لعائلتي الصغيرة أن تحضى بوجبة دافئة في برد الشتاء. في الآونة الأخيرة تغيرت ذائقتي أصبحت لا أحبذ الطبخ الحديث بالصوصات مثل كريمة الطبخ، لا استشعر الدفء فيها. لم أكن يوماً من محبات الطبخ ولم أجربه قبل الزواج -ما عدا الحلويات والكعك بالطبع- لكن الأمومة تدفعني لعمل شيء لا ارغبه بحب لأجل فقط أن اسمع “لذيذ يا ماما” بأصواتهم. وبدأت بـ”المرقوق” كانت ناجحة بنسبة 75%، اللحم ناضج تماماً الخضار مستوى استوائها مناسب لكني لم أتقن التكنيك في وضع رقائق العجين مما أدرى إلى التصاق بعضها. لكن المهم هو الطعم الشهي الذي وصلت إليه، وتذوق ابنتي للخضار بشهية لأول مرة. كانت من أعظم نجاحتي الأسبوع الماضي. الطبق القادم طبق خاص بمدينتي الأم، ازداد حماس كل يوم لتجربة طبخه.

مع اقتراب نهاية السنة أعيد التفكير بطريقة كتابة الأهداف وطريقة إنجازها وقياسها، لأني أصبحت مؤخراً أقيس إنجازي بالتفاصيل الصغيرة التي نغفل عنها غالباً لأن أعيننا تنظر للهدف النهائي متناسين كل ما حوله. ليس لدي أي فكرة حتى الآن عن الاستراتيجية الجديدة ولكن سأحاول ما بوسعي لمحاولة إيجاد طرق لتطبيقها. كنت قد كتبت عن الأجندة التي استخدمها وطريقتي فيها هنا لمن يريد الاطلاع عليها.

الـ Passion Planner في منتصف العام

قد يتبادر لذهنكم من يكتب عن المنظم اليومي/المفكرة في آخر شهر مايو؟! نصل لمنتصف السنة والموضوع الذي اود الحديث عنه هو المنظمات اليومية! في نهاية السنة الميلاية والهجرية أيضاً يكثر الحديث عن المنظمات وأيهن أكثر فعالية من حيث التقسيم، وتحتل مقاطع تقيم المنظمات المراتب الأولى في البحث. وينتهي الجديث عنها بعد النصف الأولى من شهر يناير وهذا متوقع وكنت أنوي الكتابة عنها في مطلع السنة ولكن فقررت أن اكتب عنها بعد مضي عدة أشهربعد أن عدلت في طريقتي التي استخدمتها في 2022 و 2021 لأرى أيهن أفضل.

في البداية يجب عليكم معرفه تاريخي في التخطيط واختيار المنظم المناسب، اكتب اليوميات منذ 20 عاماً تقريباً في نصفها الاخير بدأت في استخدام المنظم اليومي المقسم لجدوله المهام لا اعلم لماذا ولكني اعتقد ان حياتي الجامعية كان لها دور في بداية استخدامي لها. جربت عدة منظمات من مختلف العلامات التجارية طوال العشر سنوات السابقة، حتى أنني جربت استخدام ال Bullet Journal وطرقها المختلفة. حتى وقع خياري أخيرا على ال Passion Planner. هذة سنتي الثالثة التي استخدم فيها هذا المنظم بدأته من 2021 ثم 2022 والآن 2023 وهذا دليل كافي على جودته، يتضمن المنظم:

  • مخطط الأهداف.
  • تقويم للسنة الحالية والقادمة.
  • مخطط شهري يوجد به: قسمين مخصصات للمشاريع الأول للمشاريع الشخصية والأخر للعمل.
  • مخطط اسبوعي يوجد به: كل أيام الأسبوع مقسمه بالساعات، وقوائم المهام المفصله للمشاريع الشخصية وللعمل.
  • في نهاية كل شهريوجد مجموعة من الاسئلة التي تعنى بالنظر إلى الشهر المنصرم وتقييمه من ناحيه الدروس المستفاده منه بالاضافة إلى تقييم خطة تحقيق الأهداف.
  • في النهاية قسمين كل قسم مكون من 20 صفحة في الاول صفحات فارغه وفي الاخير صفحات منقطه للكتابة الحرة.

سمعت عن المنظم لأول مرة من المدونة نجلاء في تدوينتها “٣ أنواع من الأجندة اليومية -مقارنة” وكان من ضمن خطتي دائماً ولكن كنت أأوجله لارتفاع سعره. في سنة 2020 وعند البحث عن منظم للسنة المقبلة قررت أن أكافئ نفسي به بعد أن حققت درجة الماجستير تلك السنة. لا أخفيكم أنه وبالنسبة لشخص يفتقر للحس الفني راعني منظر المستخدمين له رأيت الكثير من الرسومات والطرق التي تكلفني جهد في استخدامه لكني طلبته على أي حال. في منظمي الأول لم استطع فهم طريقته جيدا ولكن بعد ثلاث سنوات اصبح من الممتع أن استخدم منظمي الشخصي كما أحب. وسأكتب لكم طريقتي في ذلك:

أولاً مخطط الأهداف:

  • الصفحة الأولى تساعدك على كتابة الاهداف التي تريد تحقيقها في حياتك كلها ومن ثم الأهداف التي تريد تحقيقها خلال 3 سنوات من الآن ثم التي تريد تحقيقها هذة السنة ثم التي تريد تحقيقها خلال أول ثلاثة أشهر من السنة، واعتقد أنها طريقة رائعة. تساعدنا هذة الطريقة على وضع الحد الزمني لكل هدف، فالأهداف بعيده المدى مثل الاستقرار المادي لا يمكن تحقيقه بسهوله خلال سنة ولكن إذا وضعناه في الخطة بعيده المدى يمكننا كتابة تفاصيل الوصول لهذا الهدف كأهداف في الأقسام الأخرى. مثلاً يمكنني كتابة “التعلم على تداول الأسهم” أو “عمل تجاري ناجح” أو “وظيفة براتب معين” في خطة الثلاث سنوات. ثم كتابة “إنشاء محفظة وبدء التداول” أو “اكمال أول طلب لمتجري الالكتروني” أو “الحصول على عدة مقابلات وظيفية” في خطة هذة السنة. ثم كتابة “البحث والتعلم عن الأسهم” أو “دورة تجارة الكترونية” أو “إعداد السيرة الذاتية وتحسين الحساب الشخصي في لينكدان” في خطة الثلاثة أشهر. نلاحظ أن التقسيمات ساعدتنا في تحديد أهداف واقعية سهلة التحقيق خلال مدة معينة.
  • الصفحة الثانية تلزمك باختيار أحد الأهداف التي تريد تحقيقها هذة السنة تحت اسم GAMECHANGER اي الهدف الذي يعتبر فارق كبيرعند تحقيقه ويحتاج للكثير من التخطيط والعمل. مثلاً “اكمال أول طلب لمتجري الالكتروني”. ثم تحديد الأمور التي تساعد في تحقيقه على أقسام وكل قسم ماذا يتطلب وكتابتها على شكل خريطة ذهنية. مثلاً التعلم عن التجارة الالكترونية ويندرج تحتها متابعة حسابات مهتمه في هذا المجال، التسجيل في الدورات. القسم الثاني تحديد المعالم الأولى للمتجر ويندرج تحتها دراسة جدوى للموضوع، اختيار المنتج، واختيار اسم وشعار للمتجر، إكمال الإجراءات القانونية. القسم الأخير تحديد المعالم الأخيرة للمتجرمثل إنشاء الحساب، طلب المنتجات وتخزينها، تصوير المنتجات، رفع الصور بعد تحديد الأسعار.

يفضل تحقيق ال GAMECHANGER خلال الستة أشهر الأولى، لأن بعد شهر يونيو أي عند منتصف السنة ستعاد نفس هذة الصفحات لمراجعة الأهداف بشكل عميق ومن ثم تحديد GAMECHANGER آخر للعمل عليه في النصف الأخير من السنة. ممكن أن يكون امتداد للأول إذا كان الهدف كبير وخطواته كثيرة ومن الممكن أن يكون الهدف قد تحقق ومن ثم نستطيع أن نختار هدف آخر.

ثانياً التقويم السنوي:

أحدد الأيام المهمة بالسنة، وأخصص ألوان معينة لتلوين اليوم بعد إنتهائه مثل اخضر لليوم السعيد، وأحمر لليوم الحزين، أزرق لليوم الذي أحقق فيه إنجازات، وبرتقالي لليوم الذي لا استطيع فيه عمل أي شيء، بنفسجي لليوم العادي. يساعدني على أخذ نظرة شاملة على مشاعري خلال السنة.

ثالثاً التقويم الشهري:

اكتب فيه المواعيد والالتزامات الاجتماعية فقط مثلاً موعد طبيب، اجتماع عمل، موعد سفر. وفي المكان المخصص لل GMAECHANGER اكتب مصاريف الشهر بالتفصيل ليسعادني على فهم وضعي المادي واتخاذ بعض القرارت. يوجد أيضا قسم لتحديد المشاريع التي يجب العمل عليها خلال هذة الشهر سواءاً كانت مشاريع شخصية أو عمل. استخدتها مرة واحدة ولم التزم بها مع ذلك أرى انها إضافة رائعة للتقويم الشهري.

رابعاً التقويم الأسبوعي:

يختلف عندي هذا القسم من أسبوع لآخر، في بعض الأسابيع تكون مكتظة بالمهام والفعاليات فأدون كل ما أريد فعله وما حدث وما أريد أن اتذكره بالتفصيل هنا وبعض الأسابيع تكون خفيفة وفارغة وهذا لا بأس به. مع أن الأيام مقسمه لساعات وبالعادة أرفض هذة الفكرة عند شرائي لمنظم جديد إلا أنه في ال Passion Planner لا يؤثر حقيقة كثيرا لوجود مكان مخصص لقائمة المهام، فأستطيع كتابة قائمتي في مكانها المخصص واستخدام المساحة المقسمة للساعات كما يحلو لي. ولأن حسي الفني ضئيل جداً فإن المساحة البيضاء المخصصة للرسومات في مفكرتي تظل دائما بيضاء.

خامساً الانطباع الشهري:

من أكثر الاقسام التي أهملتها في لسنوات الماضية وأحببتها جدا هذة السنة فخصصت لها آخر يوم في الشهر للعمل عليها. هي عبارة عن مجموعة اسئلة يطلب مننا الجواب عليها نهاية كل شهر. أول سؤالين اعتبرها دروس مستفادة من الشهر المنصرم ثم أربعة اسئلة مخصصه عن الأهداف التي أريد تحقيقها وكيف يجري العمل عليها والمقصود هنا طبعا الأهداف الذي سبق تحديدها في قسم مخطط الأهداف. والجواب هنا يساعدني على إعادة توجية البوصلة وتقييم العمل على أهدافي خلال الشهر المنصرم. وبالأخير سؤال عما أريد اتركيز عليه في الشهر المقبل وذلك لأبدأ الشهر الجديد وقد حددت الهدف الذي أريد التركيز عليه وتحسين العمل على تحقيقه.

سادساً قسم الكتابة الحرة:

  • قسم الصفحات الفارغة عنونته بقسم ال Brain Dump وهو القسم الذي التجي إليه عادة عند تراكم الأشياء والضياع. أفرغ كل ما افكر به والخطط التي أريد تنفيذها بدون أي ترتيب للأفكار. إذا رأيت أحد الأفكار قابله للتنفيذ بدأت بنقلها للمخطط الأسبوعي والعمل علبها. وإذا لم يعجبني شيء أهملت المكتوب بالكامل وقد استفدت من تفريغ مخي للعمل عى شيء آخر.
  • قسم الصفحات المنقطة مخصص لتتبع، مثل تتبع رحلة إنقاص الوزن و تتبع مهام مؤجلة قديمة سواءاً كانت مهامي أو مهام زوجي أو مهام مشتركة، و تتبع قراءات السنة … الخ من الأفكار اللانهائية.

والميزة الرائعة في ال Passion Palnner أنهم يوفرون نسخة مجانية على موقعهم يمكنكم طباعتها وتجربتها قبل الشراء. كانت تدوينه ممتعه لي وأنا اكتبها وأتمنى أن تكون ممتعه لكم وأنتم تقرؤنها.