حياة مليئة بالتوقفات والمشاريع غير المكتمله

{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ}

قبل أيام أتمت ابنتي سبع سنوات وفق التقويم الهجري، اخبرتها بذلك وعبرت لها عن حماسي الشديد لنصلي معًا كل يوم. لا اعلم ما الفتوى في ذلك وهل يجب عليها أن تصلي جميع الصلوات أم ان التكليف يكون عند بلوغها. ولكن قرأت قبل فتره أن من سبع سنوات إلى عشر سنوات هي فترة التدريب لتلتزم بأداء الصلوات وحدها. لذلك بدأنا ببعض الصلوات وليس كلها. هدفي في هذة المرحلة تحبيبها في الصلاة وحرصها لتلبية النداء عند الآذان، أما اتقان الصلاة فهي تعرف أركانها ولكنها لا تتقنها بصوره كاملة. لا مشكلة سيكون معنا ثلاث سنوات نتدرب حتى تتقنها.

هل ذكرت لكم أن أطفالي يهذبونني في التربية أكثر من تهذيبي لهم؟

تجبرني الأمومة على الخروج من منطقة راحتي. أما المدارس والعلاقات الاجتماعية تختبر مبادئي في التربية. أدركت في الفترة الآخيرة أن بعض المشاكل التي تحدث مع أطفالي يكون حلها في تغير طباعي والتخلي عن بعض المعتقدات التي تحتاج إلى مدينة فاضلة لتطبيقها. نحن غير مثاليين وسنربي أطفالًا غير مثاليين في عالم غير مثالي، سعينا المستميت لتطبيق الأفكار التربوبية المثالية مرهق وغير عملي في بعض الأحيان. من الحكمة التنازل وموازنة الأمور.

قيل لي أن الامتيازات للعائلة المغتربة أكثر من العائلة المستقرة مع “جماعتهم” في نفس المدينة، فهم يستطيعون السيطرة على أولادهم فالقوانين واضحة والتدخلات معدومه، و مقارنة الأقران مصطلح يسمعون به ولا يعيشونه. ألغيت الأطراف الخارجية ولكن الجانب الاجتماعي كله ألغي معها. لن تنتبه الأم لذلك في عمر الطفل المبكر، حتى يبدأ يتفاعل طفلها مع من حوله. يجب على الأم هنا أن تدرك أن مجتمع أطفالها سيكون من مسؤوليتها وحدها فيجب عليها أن تبني علاقات اجتماعية لتكون صداقات طفولة لهم.

كذلك عند عودتهم لأهلهم واجتماعهم مع أقرانهم ستلاحظ فجوة في العلاقات قد تكبر كلما ازدادوا بالعمر خصوصًا اذا كانت بين الأقران لقاءات اسبوعية وهذا طبيعي جدًا. ولحسن الحظ أنها من المشاكل التي تستطيع أن تتفادها مبكرًا لذا وجب على الأم أن تحرص على التواصل اليومي أو شبة اليومي بينهم خصوصًا من خلال الاتصالات المرئية. أما الخروج من المنزل بشكل يومي للحدائق فهو ضروري وليس رفاهية، لأنها تخلق تفاعلات مع المجتمع الخارجي لا يمكن لنا تعويضها في البيت. وقد تعوضهم جزئيًا عن التفاعلات التي تفتقدها العائلة المغتربة البعيدة عن أهلها.

أما أنا فعلى غيري عادتي السنوية لم ابتع هذا العام أجندة،ولعل الخيرة في هذا الموضوع هو اكتشافي أن شراءها كل سنة لم يكن هدرًا للمال. بدأت حياتي في غاية العشوائية، تبدو المهام عائمة في عقلي! افتقدت القوائم المرتبة. حاولت كثيراً أن انتقل للأجندة الالكترونية، ولكن في كل مرة اضطر لاستعمال ورقة خارجية لأرتبها في البداية قبل أن اسجلها الكتروني! لذا اتجهت للبحث مجددًا عن أجندة جديدة، أحب Passion Palnner واستعملتها أربع سنوات متتالية ولكن حياتي الآن أهدأ وأبسط من تقسيماتها الكثيرة.

لا افك أن اذكر لمن حولي أنني أعاني من حبسه القارئ، آخر كتاب قراءته كان إعادة قراءة لكتاب قديم مع مجموعة قرائيه! أحاول العودة بشتى الطرق اشتركت مع مجموعتين في نفس الوقت بمبلغ مادي لإضافة دافع للقراءة، ولكني لا استطيع أن انهي الكتاب. لدي الآن أكثر من خمسة عشر كتاب معلقًا لم أقرأ منه سوى بضع صفحات. اعترتني هذة الحبسة منذ أكثر من سنة ولا أزال حبيستها. غير أنها لم تطل رغبتي في شراء الكثير من الكتب فتراكمت الكتب الجديدة في مكتبتي وكأنها تتهكم علي. عزائي في هذا أنني لم أتوقف عن القراءة لأطفالي أبدًا فكان لهم نصيب الأسد من معرض الكتاب هذا العام. أحب قراءة واستعراض قصص الأطفال وهذة من الجوانب التي لم أكن اتخيل أن اهتم بها قبل الأمومة. لا تختلف هذة المشاعر عن ما نحس به حين نتصفح كتب لأنفسنا. أقرأها وأرى إن كانت تناسب قيم الدين الاسلامي وقيم المجتمع وعائلتنا الصغيرة. ابحث عن الكتب التي تستعرض المشاكل التي نتعرض لها ثم اسألهم عن منظورهم للقصة وما هو رأيهم بتصرف البطل. بعض القصص لا يعجبني تصرفه فأقرأها لهم وأبين أن هذا التصرف خاطيء ونحاول أن نجد حلول بديله. أحب هذا الوقت جدًا وأضع أمام عيني أن هذة كلها ذكرياتهم وأن هذا ما سيبقى مني لهم بعد فترة من الزمن فأحاول أن أحسن.

قد تكون الحبسه هي سبب انقطاعي هنا كلما أكثرت من القراءة كلما زاد مخزوني وزادت رغبتي في التعبير. كما أن هذة الأيام تبدو فيها فكرة العيش وممارسة الحياة الطبيعة ضربًا من جنون، لا يحتمله قلب لا يؤمن بقضاء الله وقدره. مشاعري غدت أشبه بأفعوانية، لا اعلم ما ينتظرني في كل لحظه. تاره اقوم بواجباتي بحزم وتاره بعطف وحنو، أقفز كالمجنونة بين عدة أمور اتخذتها لنفسي وما ألبث حتى اترك كل شيء وانسحب ببطء لفراشي؛ حين تعتريني نوبة بكاء أعلم سببها. وهذا ما ينخر قلبي ويضعف قواي انني لا أملك من الأمر شيء سوى التسليم لقضاء الله وقدره. ثم احاول أن اكمل يومي كما كنت ولكني اقف في كل لحظة واتسأل: هل ما يحدث حقيقي فعلاً!

كتبت هذة التدوينة كمصافحة اعتذار، سأحاول جاهده العودة مجددًا. ادعوا لأحبابي بالصحة والشفاء ولأولادي بالصلاح والهداية.

فكرتان بشأن “حياة مليئة بالتوقفات والمشاريع غير المكتمله

  1. أفاتار م. طارق الموصلليم. طارق الموصللي

    شُغلت بالحبسة القرائية لفترة طويلة، ثم خمّنت سببًا: كثرة تعرضنا للمحتوى على مدار اليوم؛ كما لو كان عقلنا “يُشبَع” فيسترحمنا لئلّا نُمسك كتابًا!

    ومع ذلك، لا أظنكِ تُعانين من الحبسة، بدليل أنكِ لا زلتِ تطالعين قصص أطفالك (وتلك تظلّ قراءة بالمناسبة)

    Liked by 1 person

    رد

أضف تعليق